........... .لمحبى التمثيل واحتراف العمل كمذيع اقدم سلسلة كيف تصبح ممثلا جيدا بالصوت والصوره تمنياتى للجميع بالتوفيق....تابع فى المدونه دروس تعليم الاخراج فى المدونات السابقه.....كتاب فن كتابة السيناريو على نيو فجن .... خمس كتب فى التصوير والمونتاج والصوت والاضائه على نيو فجن ......تحليلات ومقالات لاهم الاعمال السينمائيه.....مواقع المهرجانت العربيه والدوليه والعالميه.....مواقع تهم العالملين فى الاخراج والتصوير على نيو فجن

الخميس، 21 مايو 2009

فيلم ليش صابرين القدس حاضره والوجع صادم




كادت القاعة أن تضج بالصخب ، في بداية عرض الفيلم الروائي القصير " ليش صابرين " في غزة ، عندما انزعج المشاهدون من صوت ذلك الصرير الحاد الذي رافق بداية الفيلم ، ظنا منهم انه خلل فني !!
غير أنهم ما لبثوا أن اكتشفوا خدعة المخرج الفلسطيني مؤيد عليان، بعدما اتضحت أصوات السيارات في شوارع القدس الحاضرة، و ألوانها الغائبة بالوجع .
على امتداد عشرين دقيقة يحاكي " ليش صابرين " واقع المقدسيين، تحت الاحتلال الإسرائيلي للمدينة من خلال قصة "جيفارا صغير" الذي يرفض العمل عند الإسرائيليين، دفاعا عن المبادئ التي استشهد والده من أجلها ، الأمر الذي يسبب له الكثير من الخلافات الاجتماعية مع أسرته، وعلي وجه الخصوص والدته التي تحاول دوما مقارنة موقفه .. بموقف أبناء عمومته الذين يعملون في المستوطنات و المطاعم الإسرائيلية في القدس، فلا يسع " أيمن " إلا الهرب من أسئلة أمه وغضبها ، قائلا لها باختصار :
" هاي مش اسطوانة .. هاي مبادئ " .


أرق الهوية
أما المنحى السردي الذي يرتكز عليه الفيلم، فهو حكاية صابرين .. الفتاة المقدسية التي أحبها " أيمن "، ويريد الارتباط بها ، لولا الظروف الاجتماعية التي تفرقهما .
بهذه الحبكة السردية أراد المخرج عليان أن يظهر مفارقة اجتماعية، أثارت تساؤلات اجتماعية كثيرة، خاصة وأن الإشكالية التي بدأ بها لقاء " أيمن " و" صابرين " كانت لها دلالاتها علي خصوصية المجتمع الفلسطيني وتقاليده التي باتت غلافا خارجيا لثورة ما، في تغيير الكثير من المصطلحات المتعارف عليها .
فصابرين .. الفتاة القروية السمراء، تخرج من محيطها الذي يفرض الحجاب عرفا لا دينا، لتختبئ وراء كتلة إسمنتية وترفع الحجاب، مكملة المسير للقاء أيمن، بعد أن أوقفتها نقاط تفتيش إسرائيلية كثيرة .
أما طريق أيمن، فقد كان معبدا بوجع لا يقل إيلاما، فكل العناوين واليافطات الإسرائيلية التي تقابله في أروقة القدس كانت بلغة عبرية، وهو ذاته الأمر الذي جعله يتحدث للسائق بتلك اللغة الدخيلة عن عربيته .
لكن مكالمة هاتفية كانت كفيلة باكتشاف هويته، مما حذا بالسائق إلي تشغيل " الكاسيت " على صوت أم كلثوم ، بعدما عاوده حنين الهوية ، مواسيا ذاته بسؤاله : " إنت عربي ؟ "
لكن أسئلة السائق المستفزة وتحذيراته من الحملات المسعورة للجيش، لم تتمكن من إنطاق ذلك الصمت و الجمود الذي تلحف أيمن به، طوال طريقه للقاء صابرين. ليعود المخرج بالمفارقة التي رمى حبالها في بداية الفيلم، بمشهد صابرين تقف أمام مرآة أحد الحمامات النسائية ، فتلاحظ فتاة عربية ترتدي نصف حجاب ، تخرج من دورة المياه بتنورة قصيرة و قميص مكشوف الكتفين، حتى أن المشاهد لا يكاد يميزها عن الفتيات " الإسرائيليات "، وهي القضية الجوهرية التي يلمح إليها المخرج، فالهوية أيضا باتت في مأزق، بين الضغوط الاجتماعية وتناقضات الواقع، وهو ما اتضح بدقة التكوين البصري للمشاهد القصيرة و المعبرة ، والمواقف التي تبدو عابرة للوهلة الأولي .

لقاء " مصيري "
أما المفاجأة .. فكانت برمزية مكان اللقاء بين أيمن وصابرين، داخل أحد الحمامات العامة، بعيدا عن مطاردات الجيش وتفتيشه علي هواياهم العربية. لكن ذلك لم يُزل الحواجز الاجتماعية التي نبتت في اللاوعي لديهما، فرغم لهفة الشوق إلا أن شعورا ما بالخطر كان يهددهما من الاقتراب ، وهناك يدور حوار قصير آخر ، يكشف عن خبايا قصة المحبين .
عائلة صابرين تضغط عليها للزواج من ابن عمها ، دون جدوى من رفضها المطلق له ، فموقف الأب حازم " هو انتي بدك تفضحينا بالبلد "، فلا يحق لصابرين أن تكسر كلمة العائلة في العرب والعادات ، الأمر الذي جعلها تلجأ إلي أيمن الحائر ، دون أن يعرف الجواب .

اللقاء المؤجل في الفيلم


الحوارات القصيرة التي احتوها الفيلم، امتازت بلغة تقليدية تكاد تكون مكررة باقتناصها للواقع، لكنها في نفس الوقت تحاكي اللهجة بقوة جميلة، حتى بالألفاظ الشعبية التي تكاد تكون اقرب إلى الفظاظة !
غير أن السياق البصري و السردي للفيلم، طغى علي تلك التقليدية، إضافة إلي تقنية الفيلم العالية وتنوعه الفني المميز .
" ليش صابرين " جملة يكررها أيمن تحت شجرة الزيتون الجبلية ، ليكون ذلك القرار المصيري بالهرب
- " إحنا ليش صابرين ؟؟.. بنسحب حالنا و بنهرب " .
- " نهرب ؟ ... بدك تفضحنا ؟ وين راح نهرب "
- " بنروح ع مكان ما حدا يعرفنا فيه .. نطلع الشمال "
- " حيفا ؟ "
- " لا .. طبريا "

الهروب إلى مجهول

هروب أيمن وصابرين لم يكن فقط من الواقع الذي يؤرق حياتهما ، ولم يكن إلى طابريا فقط ، بل تعداه لهروبهما إلي نهاية جميلة ، ينسجانها في بيت صغير .. لا .. ربما كانت غرفة ، فيها أريكة حمراء و كاسات شاي و أصيص ورد .
لكن الأحلام تسقط ، أمام أول حاجز إسرائيلي يصطدم بطريقهما للشمال، وهو ذاته الذل و القهر المضاعف علي هواياهم أيا كان لونها حمراء أم خضراء، يرفعان أيدهما أمام البنادق و البزات العسكرية، يصرخ أيمن ملوحا بهويته الإسرائيلية، لكنها لا تشفع له، ولا لمبادئه، ولا حتى لتلك الفتاة الخائفة، فالجندي يأمر جيفارا الصغير بخلع قميصه خوفا من كونه " عربي إرهابي " ، ليعود ويأمر الفتاة بشكل مهين بخلع قميصها وهي خجلي ، دون أن يستطيع أيمن أن يحرك ساكنا، فلم يكن منه إلا أن يحتج ببضعة كلمات في الهواء ، تخرسها البندقية، مما جعله يخلع ملابسه وحذاءه بغضب ، ليبقي بملابسه الداخلية .
أما المشهد الأخير الذي ظل مفتوحا علي كل الخيارات، فكان لصابرين وهي ترمي " شالها " علي رأسها ، وتمضي في طريق ما مجهول بين الجبال و الزيتون لوحدها .. دون جيفارا .

ُيذكر أن المخرج مؤيد عليان، حاز علي جائزة «كوداك للإبداع الفني» في سان فرانسيسكو عام 2005 ، علي فيلمه الوثائقي الأول «منفيون في القدس» ، كما رشح فيلمه الأخير " ليش صابرين " لعدة مهرجانات دولية، منها مهرجان «كليرمون فيراند الدولي» ومهرجان «اسبين الدولي» ومهرجان «بيلجراد» .
يعمل المخرج عليان حاليا في مركز بيت لحم للإعلام في إنتاج برامج وأفلام وثائقية لعدة محطات دولية و محلية .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق